كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



101- وقوله جل وعز: {والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا} [آية 107] أي ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا أي مضارة.
102- ثم قال تعالى: {وتفريقا بين المؤمنين وإرصاد لمن حارب الله ورسوله من قبل} [آية 107] قال مجاهد هو أبو عامر خرج إلى الشام يستنجد قيصر على قتال المسلمين وكانوا يرصدون له وقال أبو زيد يقال رصدته في الخير وارصدت لأن له في الشر وقال ابن الأعرابي لا يقال إلا أرصدت ومعناه ارتقيت.
103- وقوله جل وعز: {لا تقم فيه أبدا لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق ان تقوم فيه} [آية 108] يروى انهم دعوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فيه كما صلى في مسجد قباء قال سهل بن سعيد وأبو سعيد الخدري اختلف رجلان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد النبي وقال الآخر هو مسجد قباء فاتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسالاه فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو مسجدي هذا وفي حديث أبي سعيد وذلك خير كثير.
104- ثم قال جل وعز: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين} [آية 108] يروى ان النبي صلى الله عليه وسلم سألهم عن طهورهم فقالوا إنا نستنجي بالماء فقال أحسنتم والهاء في قوله أحق أن تقوم فيه يعود على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم والهاء في قوله: {فيه رجال يحبون أن يتطهروا} يعود على مسجد قباء ويجوز ان تكون تعود على مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
105- وقوله جل وعز: {أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم} [آية 109] والشفا الحرف والحد والجرف ما جرفه السيل والهاري وقد المتهدم الساقط.
106- وقوله جل وعز: {لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم} [آية 110] قال قتادة أي شكا كأنهم عوقبوا بهذا وقال السدي أي حزازة.
107- ثم قال جل وعز: {إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم} [آية 110] قال عطاء ومجاهد وقتادة {إلا أن تقطع قلوبهم} الا أن يموتوا وقال غيرهم أي إلا ان يتوبوا توبة يندمون فيها على ما فعلوا حتى يكونوا بمنزلة من قد قطع قلبه. وقرأ عكرمة إلى أن على الغاية.
108- وقوله جل وعز: {إن الله اشترى من المؤمنين انفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} [آية 111] هذا تمثيل كما قال جل وعز: {أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى}.
109- وقوله جل وعز: {التائبون العابدون الحامدون السائحون} [آية 112] قال الحسن أي التائبون من الشرك العابدون الله وحده السائحون روي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الصائمون وقد صح عن ابن مسعود.
قال أبو جعفر وأصل السيح الذهاب على وجه الأرض ومنه قيل ماء سيح ومنه سمي سيحان وقيل للصائم سايح لأنه تارك للمطعم والمشرب والنكاح فهو بمنزلة السايح.
110- ثم قال جل وعز: {الراكعون الساجدون} [آية 112] أي المؤدون الفرائض ثم قال جل وعز: {الآمرون بالمعروف} أي بالإيمان بالله جل وعز ثم قال: {والناهون عن المنكر} أي عن الكفر.
ويجوز ان يكون المعنى ألاحرون علي بكل معروف والناهون عن كل منكر {والحافظون لحدود الله} أي العاملون بأمر الله جل وعز ونهيه.
111- وقوله جل وعز: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى} [آية 113] وروى أبو الخليل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال مررت برجل من المسلمين يستغفر لأبيه وقد مات مشركا قال فنهيته فقال قد استغفر إبراهيم لأبيه فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأنزل الله: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم أصحاب الجحيم وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعده إياه} إلى آخر الآيتين وفي بعض الروايات فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقرأ {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآيتين.
وروى الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ابا طالب حين حضرته الوفاة وكان أبو جهل وعبد الله بن أمية عند فقال النبي صلى الله عليه وسلم أي عم قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية أترغب عن ملة عبد المطلب فابى ان يقول لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما والله لأستغفرن لك ما لم انه فأنزل الله عز وجل: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} وأنزل: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} قال ابن مسعود ناجى النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه وبكى وقال إني استأذنت ربي في الاستغفار لها فلم يأذن لي ونزل: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} وقيل معنى {إلا عن موعدة وعدها إياه} إن أباه وعده أن يسلم فاستغفر له {فلما تبين له أنه عدو لله} بإقامته الكفر {تبرأ منه} وقال عبد الله بن عباس لما تبين له أنه عدو لله بان مات وهو كافر تبرأ منه.
112- وقوله عز وجل: {إن إبراهيم لأواه حليم} [آية 114] روى أبو ظبيان عن ابن عباس أنه قال الأواه الموقن وروي عن عبد الله بن مسعود قولان أصحهما إسنادا ما رواه حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود أنه قال هو الدعاء والآخر انه الرحيم وروي عن مجاهد أنه الفقيه وقال كعب إذا ذكر النار تأوه، قال أبو جعفر وهذه الأقوال ليست بمتناقضة لأن هذه كلها من صفات إبراهيم صلى الله عليه وسلم إلا ان أحسنها في اللغة الدعاء لأن التأوه إنما هو صوت قال المثقب إذا ما قمت ارحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين وقول كعب أيضا حسن أي كان يتأوه إذا ذكر النار وقال سعيد بن جبير المسبح وقيل الذي يتأوه من الذنوب فلا يعجل إلى معصية فلم يستغفر لأبيه إلا لوعده لأن الاستغفار للكافر ترك الرضا لأفعل الله عز وجل وأحكامه.
113- وقوله جل وعز: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} [آية 115] قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله أي يحتج عليهم بامره كما قال تعالى: {وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها} وقال مجاهد يبين لهم أمر إبراهيم ألا يستغفروا للمشركين خاصة ويبين لهم الطاعة والمعصية عامة وروي أنه لما نزل تحريم الخمر وشدد فيها سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عمن مات وهو يشربها فأنزل الله عز وجل: {وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون}.
114- وقوله جل وعز: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة} [آية 179] قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب خرجوا في غزوة تبوك في حر شديد وكان الرجلان والثلاثة على البعير الواحد فعطشوا يوما عطشا شديدا فأقبلوا ينحرون الإبل ويشقون أكراشها ويشربون ما فيها.
115- ثم قال جل وعز: {من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم} [آية 117] تزيغ تميل وليس ميلا عن الإسلام وإنما هموا بالقفول فتاب الله عليهم وأمرهم به.
116- وقول عز وجل: {وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت} [آية 118] كان أبو مالك يقول خلفوا عن التوبة وحكي عن محمد بن يزيد معنى خلفوا تركوا لأن معنى خلفت فلانا فارقته قاعدا عما نهضت فيه.
وقرأ عكرمة بن خالد خلفوا أي أقاموا بعقب رسول الله صلى الله عليه وسلم وروي عن جعفر بن محمد أنه قرأ خالفوا ومعنى رحبت وسعت ومعنى {وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه} وأيقنوا.
117- وقوله جل وعز: {ثم تاب عليم ليتوبوا} [آية 118] فيه جوابان: أحدهما أن المعنى ثم تاب عليهم ليثبتوا على التوبة كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا آمنوا والآخر} أنه فسح لهم ولم يعجل عقابهم كما فعل بغيرهم قال جل وعز: {فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم}.
118- وقوله جل وعز: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [آية 119] قيل {مع الصادقين} الذين يصدقون في قولهم وعملهم وقيل الذين يصدقون في إيمانهم ويوفون بما عاهدوا عليه كما قال تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}.
119- وقوله جل وعز: {ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله} [آية 120] وقد قال بعد هذا {وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين} [آية 122] قال قتادة أمروا ألا يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج بنفسه فإذا وجه سرية تخلف بعضهم ليسمعوا الوحي والأمر والنهي فيخبروا به من كان غائبا وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس {وما كان المؤمنون لينفروا كافة} أنها ليست في الجهاد ولكن لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر بالسنين أجدبت بلادهم فكانت القبيلة تقبل بأسرها حتى يحلوا بالمدينة من الجهد واجهدوهم حتى فأنزل الله عز وجل يخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أنهم ليسوا مؤمنين فردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عشائرهم وحذر قومهم أن يفعلوا فعلهم فذلك قوله سبحانه: {ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} وبهذا الإسناد قال يعني ما كان المؤمنون لينفروا جميعا ويتركوا النبي صلى الله عليه وسلم وحده والتأويلان متقاربان والمعنى إنهم لا ينفرون كلهم ويدعون حفظ أمصارهم وعمرانها ومنع الأعداء منها وعليهم حفظ نبيهم صلى الله عليه وسلم كما خفف عليهم حفظ أمصارهم من الأعداء.
120- ثم قال جل وعز: {ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا محمصة في سبيل الله} [آية 120] ظمأ أي عطش ولا نصب وهو أشد التعب قال قتادة والمخمصة المجاعة.
121- وقوله جل وعز: {وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا} [آية 124] أي فمن المنافقين من يقول أيكم زادته هذ إيمانا لأنه إذا آمن بها فقد ازداد إيمانه.
122- ثم قال جل وعز: {وأما الذين في قلوبهم مرض} [آية 125] أي شك {فزادتهم رجسا إلى رجسهم} أي كفرا إلى كفرهم.
123- وقوله جل وعز: {أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين} [آية 126] قال الحسن أي يبتلون بالغزو في كل سنة مرة أو مرتين قال مجاهد أي يبتلون بالسنة والجدب.
124- وقوله جل وعز: {وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد} [آية 127] لأنهم منافقون فكان بعضهم يومئ إلى بعض فيقول: {أيكم زادته هذه إيمانا ثم انصرفوا} يجوز أن يكون المعنى ثم انصرفوا من موضعهم ويجوز أن يكون المعنى ثم انصرفوا عن الإيمان.
125- ثم قال جل وعز: {صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} [آية 127] قال الزجاج أي أضلهم مجازاة على فعلهم.
126- وقول جل وعز: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} [آية 128] روى جعفر بن محمد عن أبيه أنه قال لم يكن في نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يعاب قال صلى الله عليه وسلم انا من نكاح لا من سفاح قال أهل اللغة يجوز أن يكون المعنى لقد جاءكم رسول من أنفسكم أي بشر كما أنكم بشر فأنتم تفقهون عنه ويجوز أن يكون المعنى أنه من العرب فهو منكم فأنتم تقفون على صدقه ومذهبه.
127- ثم قال جل وعز: {عزيز عليه ما عنتم} [آية 128] أي شديد عليه عنتكم وأصل العنت الهلاك فقيل لما يؤدي إلى الهلاك عنت.
128 ثم قال جل وعز: {حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [آية 128] قال قتادة أي حريص على من لم يسلم أن يسلم.
129- ثم قال جل وعز: {فإن تولوا فقل حسبي الله} [آية 129] أي يكفيني الله يقال أحسبني الشيء إذا كفاني.
130- ثم قال جل وعز: {لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} [آية 129] وقرأ ابن محيصن {وهو رب العرش العظيم} وهي قراءة حسنة بينة وروي عن ابن عباس أن آخر آية نزلت {لقد جاءكم رسول من أنفسكم}.
تمت سورة براءة والحمد لله. اهـ.